15 صلاة القلق .. رواية عزفت على سيمفونية البوكر 2025 - دار أمل للنشر دار أمل للنشر

صلاة القلق .. رواية عزفت على سيمفونية البوكر 2025

صلاة القلق

سامر عاطف

 

استطاعَ الكاتبُ المبدعُ، محمد سمير ندا، أنْ يتبوَّأَ مكانةً ساميةً في صناعة الروايةِ العربيةِ، بفوزِ روايتهِ(صلاة القلق) بجائزةِ(البوكر العربية)، الجائزةُ العالميةُ للروايةِ العربيةِ 2025، ويعتبرُ هذا الفوزُ المرةَ الثالثةَ التي تحصدُ فيها روايةٌ مصريةٌ الجائزةَ بعدَ"واحةِ الغروبِ"، للراحلِ(بهاء طاهر) في الدورةِ الأولى عامَ 2008، ومنْ بعدِها روايةُ(عزازيل) ليوسف زيدان، حيثُ لمعَ نجمهُ في سماءِ الروايةِ العربيةِ، وهذا الفوزُ ليسَ تتويجاً لروايةٍ بعينِها، بلْ هوَ تكريمٌ للأدبِ الذي يعيدُ للكتابةِ بهاءَها.

 

مزج بين التجريب الفنيّ والبعد الفلسفيّ

 

محمد سمير ندا، كاتبٌ مصريٌّ، وُلدَ في العراقِ عامَ 1978، وتنقَّلَ في حياتهِ بينَ بغدادَ والقاهرةِ وطرابلسَ الغربِ، ويمزجُ في أعمالهِ بينَ التجريبِ الفنيّ والبعدِ الفلسفيّ، والمؤلفُ تخرَّجَ منْ كليةِ التجارةِ، وعملَ في القطّاعِ السياحيّ، ويعملُ حالياً مديراً مالياً لأحدِ المشروعاتِ السياحيةِ في القاهرةِ، وقدْ نشرَ العديدَ منْ المقالاتِ في الصحفِ والمواقعِ العربيةِ، مثلَ: الأهرامِ والشروقِ والعربِ اللندنيةِ وغيرِها، كما دشَّنَ مدوَّنةً خاصةً بهِ، ينشرُ منْ خلالِها آراءَهُ عنِ الرواياتِ، ولقدْ بدأَ الكتابةَ في سنٍّ مبكرّةٍ، لكنَّ روايتَه الأولى صدرتْ في عامِ 2016 بعنوانِ"مملكة مليكة"، كما صدرتْ روايتُه الثانيةُ"بوح الجدران"، وأخيراً حازتْ روايتُهُ"صلاة القلق" على الجائزةِ العالميةِ للروايةِ العربيةِ للعامِ 2025.

 

رواية اختارتها لجنة التحكيم بالإجماع

 

فازتْ روايةُ(صلاة القلق) بالجائزةِ العالميةِ للروايةِ العربيةِ، وقدْ حظيتِ الروايةُ بتقديرٍ كبيرٍ منْ لجنةِ التحكيمِ، حيثُ أشادتْ(منى بيكر)، رئيسةُ لجنةِ تحكيمِ الجائزةِ بهذهِ الدورةِ عنِ الروايةِ، حيث قالتْ حسبَ الموقعِ الرسميّ للجائزةِ "ar.arabicfiction.org": هيَ روايةٌ يتردّدُ صداها في نفسِ القارئِ، وتوقظهُ على أسئلةٍ وجوديةٍ ملحّةٍ، تمزجُ بينَ تعدّدِ الأصواتِ والسَّردِ الرمزيّ بلغةٍ شعريةٍ آسرةٍ، تجعلُ منَ القراءةِ تجربةً حسيةً يتقاطعُ فيها البوحُ معَ الصمتِ والحقيقةِ معَ الوهمِ، وأضافتْ:"الروايةُ لها أبعادٌ تتخطّى الجغرافيا وتلامسُ الإنسانيةَ.

وقعَ اختيارُ جميعِ أعضاءِ لجنةِ التحكيمِ بالإجماعِ، على اختيارِ الروايةِ منْ بينِ 124 روايةٍ ترشّحتْ للجائزةِ لهذهِ الدورةِ، باعتبارِها أفضلَ روايةٍ نُشرتْ بينَ(يوليو 2023 ويونيو 2024)، فهيَ روايةٌ متعددةُ الطبقاتِ، وبها ألعابٌ سرديّةٌ بالغةُ الخصوصيةِ.

وقد أشارتْ(بيكر) رئيسةُ لجنةِ التحكيمِ، إنَّ روايةَ(صلاة القلق) قدْ فازتْ، لأنَّها تنجحُ في تحويلِ القلقِ إلى تجربةٍ جماليةٍ وفكريةٍ، يتردّدُ صداها في نفسِ القارئِ، وتوقظهُ على أسئلةٍ وجوديةٍ ملحّةٍ، أمّا رئيسُ مجلسِ أُمناءِ الجائزةِ العالميةِ للروايةِ العربيةِ ياسر سليمان، فقدْ قالَ: إنَّ(صلاةَ القلقِ) روايةٌ بديعةٌ في بنيتِها، جاذبةٌ في أسلوبِها، أخَّاذةٌ في شاعريةِ لغتِها، وآسرةٌ في مضامينِها المفتوحةِ التي تؤهلُها لأنْ تصبحَ روايةً مكرّسةً منْ رواياتِ الأدبِ العربيّ في المستقبلِ.


صلاة القلق حولت القلق لتجربة أدبية

 

الروايةُ لا تسيرُ زمنياً إلى الأمامِ فقط، بلْ ترجعُ بالقارئِ إلى الماضي، لتسلّطَ الضوءَ على مرحلةٍ صعبةٍ تمتدُّ منْ نكسةِ عامَ 1967، حتّى لحظةِ وقوعِ انفجارٍ غامضٍ لجسمٍ مجهولٍ في عامِ ألفٍ وتسعمئةٍ وسبعةٍ وسبعين، وتجري أحداثُ"صلاة القلق" في قريةٍ صعيديةٍ خياليةٍ تُدعى"نجع المناسي"، منْ خلالِ وجهاتِ نظرِ ثماني شخصياتٍ مختلفةٍ، ممّا يشكلُ فسيفساءَ سرديةً غنيةً ومتناغمةً، وهيَ قريةٌ غارقةٌ في النسيانِ، منفصلةٌ عنِ العالمِ، يعيشُ أهلُها في أسطورةٍ، إنَّ بها حقلَ ألغامٍ يفصلُها عنِ العالمِ الخارجيّ، فيعيشُ سكانُها في ظلالِ الخوفِ والقلقِ الدائمينَ، ويجعلُ منَ القريةِ علبةً مُحكمةَ الغلقِ، فلا يصلُهم أيُّ تواصلٍ بالعالمِ الخارجيّ غيرُ(خليل الخوجة)، ممثلُ السلطةِ وصاحبُ المحلِّ الذي يطبعُ صحيفةً محليةً بعنوانِ"صوت الحرب"، ويتحكّمُ في بيعِ وشراءِ جميعِ احتياجاتِ ومنتجاتِ سكّانِ النجعِ، وهوَ أيضاً مَنْ يشرفُ على تجنيدِ أبناءِ القريةِ في الحربِ، ويخترعُ شيخَ المسجدِ طقساً روحانياً يُعرفُ بـ"صلاة القلق" طلباً للخلاصِ، وهي الطريقُ لتخطّي حالةِ الخوفِ والقلقِ الدائمَين، ولتخطّي أيضاً لتلكَ المحنةِ بأكملِها التي يعيشُها أهلُ النجعِ، والتي نجدُ فيها كلَّ قرويٍّ يعيشُ فيها ملحمتَهُ الخاصةَ، فالمتمرّدونَ المضطهدونَ يطلبونَ الحريةَ، بينَما الطغاةُ والمستبدونَ يسيطرونَ على الأرواحِ والأعناقِ، ويتحوَّلُ وجوهُ القرويينَ إلى سلاحفٍ، والروايةُ هنا تطرحُ تساؤلاتٍ سرديةً حولَ النكسةِ وما تلاها منْ أوهامٍ بالسيادةِ والنصرِ، ممّا يثيرُ تأملاتٍ عميقةٍ حولَ الواقعِ الإنسانيّ والأملِ والمأساةِ.

 

المصادر

ar.arabicfiction.org

صفحة كاتب الرواية محمد سمير ندا على الفيسبوك