8 بينَ الإعلامِ واثقافةِ أينَ مكانةُ اللغةِ العربيةِ! - دار أمل للنشر دار أمل للنشر

بينَ الإعلامِ واثقافةِ أينَ مكانةُ اللغةِ العربيةِ!

مكانة اللغة العربية في الإعلام والثقافة

بقلم سامر عاطف

 

الُّلغةُ العربيَّةُ ليستْ مجرَّدَ أداةٍ للتَّواصُلِ، بلْ هي هُوِيَّتُنا وماضينا الذي يَحفَظُ تُراثَنا وتاريخَ أجدادِنا، فلغةُ الأمَّةِ هي سجِّلُّ ثقافتِها، ووعاءُ معارفِها، ومرآةُ حضارتِها، وذاكرةُ تاريخِها، ولقْد شّهدَتِ اللُّغةُ العربيَّةُ في الفتراتِ الأخيرةِ بعضاً مِنْ مَظاهرِ التَّراجُعِ، ممَّا جعلَ المتخصِّصونَ يَدقُّونَ ناقوسَ الخَطرِ.

 

الهُوِيَّةُ ودعمُ الثَّقافاتِ الوَطنيَّةِ

 

ومِنْ مَظاهرِ الخطر، هوَ اقتِحامُ لُغاتٍ ولَهجاتٍ أجنبيَّةٍ مُحيطَ الأُسرةِ أوالشَّارِعِ، وتَسلَّلَتْ على شاشاتِ الفضَائيَّاتِ والبرامجِ الإعلاميَّةِ، فأصبحْنا نَجِدُ أنفسَنا أحياناً أمامَ حِوارٍ ومُفرداتٍ لُغَويَّةٍ مُستفِزَّةٍ وكأنَّنا أمامَ لُغةٍ جديدةٍ لا نَعرِفُها، وعلى هامشِ هذا الموضوعِ أُقيمَتْ الثاث من شهر أبريل 2025، ندوةٌ حولَ الإعلامِ والثَّقافةِ والُّلغةِ العربيَّةِ ومكانَتِها في دارِ المُفكِّرِ العربيِّ بالقاهرةِ الكُبرى بِمصَر، واسْتضافَتِ النَّدوةُ لَفيفاً مِنَ المُفكِّرينَ والإعلاميِّين والمُهتَمِّينَ بِشؤونِ الإعلامِ والثَّقافةِ واللُّغةِ العربيَّةِ، بِما فيهمْ الكاتِبُ والإعْلامِيُّ القَطَريُّ الدُّكتورُ, عبدُاللهِ المَرْزوقِي، واسْتمَّرتِ النَّدوةُ أكثرَ مِنْ ثلاثِ ساعاتٍ، بدأتْ بِكلمةٍ لِعبداللهِ المرزوقي الذي عَرَضَ بإيجازٍ مُعطياتٍ حولَ دورِالإعلامِ في الثَّقافةِ وَالحِفاظِ على اللُّغةِ العَربيَّةِ، ومَظاهِرِ تَراجُعِ دَورِ اللُّغةِ العربيَّةِ الفُصحَى أمامَ اللَّهْجاتِ واللُّغاتِ الأجنبيَّةِ، ووجوبِ الحِفاظِ عليها حِفاظاً على الهُوِيَّةِ ودَعْماً للثَّقافاتِ الوطنيَّةِ، وتحدَّثَ الإعلاميُّ المَصريُّ السَّيِّدُ حَسن ، نائِبُ رئيسِ نقابةِ اتِّحادِ كتَّابِ مِصرَ، ورَبطَ بينَ الحِفاظِ على اللُّغةِ وإيجادِ حياةٍ كاملةٍ تُحافِظُ عليها، فتكونُ لُغةَ التَّخاطُبِ، ولُغةَ الحِوارِ، ولُغةَ الكتابةِ والإبداعِ، نَحياها في البيتِ والشَّارِعِ وقاعاتِ الدَّرسِ، وأكَّدَ أنَّ الحِفاطَ على اللُّغةِ ليسَ تَرَفاً ثقافيَّاً, فاللُّغةُ العربيَّةُ الفُصحى هي جامعتُنا الحقيقيَّةُ.

 

الصِّراعُ بينَ اللُّغاتِ

 

وتحدَّثَ الأديبُ والشَّاعِرُ، صالح شرفُ الدِّينِ ,مُقَرِّرُ شعبةِ السَّردِ بنقابةِ اتِّحادِ كتَّابِ مِصرَ في ثلاثةِ محاورٍ تَلخَّصَتْ في إشكاليَّةِ الصِّراعِ بينَ العَاميَّةِ والفُصحى ، أزمةُ الفُصحى، والصِّراعُ بينَ اللُّغاتِ، الحِفاظُ على الُّلغةِ وإشْكاليَّةُ التَّنفيذِ، حيثُ تَحدَّثَ عنِ الصِّراعِ الحقيقيِّ بينَ اللُّغةِ الفُصحى ولَهجاتِها العاميَّةِ، وبينَ اللُّغاتِ الأخرى وأكَّدَ أنَّهُ لا صراعٌ حقيقيٌّ بينَ أيَّةِ لُغةٍ ولَهجاتِها، وأنَّ هناكَ مَظاهرٌ خَطِرةٌ جداً بَدأتْ تَنتشِرُ وهيَ مرحلةُ كِتابةِ اللُّغةِ العربيَّةِ بحروفٍ لاتينيَّةٍ كمَا يفعلُ الشَّبابُ، مُشيراً إلى أنَّ العُلماءَ أكدُّوا بأنَّ هذهِ المرحلةَ خَطِرةٌ، لذلكَ لابدَّ مِنَ الوقوفِ ضِدَّ الغَزوِ الفكريِّ الثَّقافيِّ، لأنَّهُ إذا سقطَتِ الفُصحى سقَطتِ العاميَّةُ، وعنْ إشكاليَّةِ تنفيذِ خُطواتِ الحِفاظِ على اللُّغةِ، طَالبَ صالحُ شرفُ الدِّينِ بِضرورةِ رَبطِ إتقانِ الفُصحى بضروريَّاتِ حياةِ النَّاسِ لِضمانِ إتقانِهمِ الفِعلِيِّ والمُستَمرِّ لَها، وتحدَّثَ الكاتبُ والإعلاميُّ المِصريُّ، زين شحاتة عنْ دَورِ الثَّقافةِ واللُّغةِ في دَعمِ الوَعي، وأكَّدَ أنَّ الوَعي دِرْعُ الوطنِ الذي يجبُ أنْ نَحرِصَ على نشرِهِ، لأنَّ اللُّغةَ هيَ الهُوِيَّةُ وأساسُ الوطنيَّةِ، وأكَّدَ الأكاديميُّ السُّودانيُّ، د محمَّد عبدُ القادرِ أنَّ عنوانَ النَّدوةِ يحتاجُ مُؤتمَراً مُوسَّعاً لِأهميَّةِ القَضايا الَّتي تناولَتْها، وأنْ يَتمَّ التَّركيزُعلى أدبيَّاتِ الثَّقافةِ لِدعمِ اللُّغةِ الفُصحى، ولقدْ تَحدَّثَ المُستشارُ الاقتصاديُّ السُّعوديُّ، موسَى فهَد على وجوبِ تأسيسِ الإنسانِ مُنذُ الصِّغَرِ بِلُغةٍ عربيَّةٍ قَويَّةٍ، لِأنَّ التَّعليمَ في الصِّغرِ كالنَّقْشِ في الحجَرِ، وأضافَ الإعلاميُّ المِصريُّ، إبراهيمُ خلفُ أنَّ مسألةَ الحِفاظِ على اللُّغةِ تحتاجُ دعماً حقيقيَّاً مِنَ المَسؤولينَ، وتكاتفَ كلِّ الجهودِ، وأضافَ القاصُّ المصريُّ، زكريَّا صبحْ بِأنَّهُ إِنْ كانتِ الُّلغةُ العربيَّةُ الفُصحى في خَطرٍ، فالأمَّةُ كلُّها في خَطَرٍ، فاللُّغةُ هيَ الحَبلُ الأخيرُ الذي يجبُ أنْ نتَعلَّقُ بهِ.