18 حنا مينه.. عصامي ساهم في إغناء الرواية العربية - دار أمل للنشر دار أمل للنشر

حنا مينه.. عصامي ساهم في إغناء الرواية العربية

الروائي حنا مينا

سامر عاطف

الروائي السوري الراحل حنّا مينه "شيخ الرواية السورية"، يعد واحداً من أكثر الكُتاب إنتشاراً وأحد عمالقة الرواية ورواد القصة في سوريا والوطن العربي إلى جانب أساطين الرواية العربية، بعد جيل نجيب محفوظ حيث قام حنا مينة بدور ريادي في مسار الرواية السورية والعربية عبر نشره عشرات الأعمال التي اتسمت بالواقعية والأسلوب السردي السلس، فقد كان الروائي الكبير والمناضل العريق مهموماً بقضايا الثقافة والمثقفين.


 

حنا مينا وهموم قضايا الثقافة والمثقفين

عاش حنا مينه طفولته في إحدى قرى لواء الاسكندرون على الساحل السوري حيث كان مولده عام 1924، سبقته ثلاث بنات، فقد عاش حياة قاسية في أسرة فقيرة غير متعلمة، وقد سرد في روايته "المستنقع"، ملامح من طفولته في لواء إسكندرون وما تعرض له من الألم والشقاء والفقر، وهي صورة مشابهة لبؤساء فيكتور هوغو، وكانت بدايته من الصفر، حيث إضطر إلى ترك الدراسة بعد الابتدائية، وذلك لبُعد المدارس الإعدادية عن قريته، وقد عمل في مهنٍ عديدة، كعاملاً في الميناء وحمّالاً وحلاقاً، ومساعداً للبحارة، ولكنه كان شغوفاً بالقراءة منذ ذلك الوقت، فإستهوته قراءة "ألف ليلة وليلة" وأحبّ عالمها السحري الشيق، وعاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقية وهي عشقه وملهمته بجبالها وبحرها، لذا كانت معظم أعماله عن الصيادين والبحر، ولقد إشتغل في مهن كثيرة أخرى منها مصلّح دراجات، ومربّي أطفال في بيت سيد غني، إلى عامل في صيدلية إلى صحفي أحيانا، ثم إلى كاتب مسلسلات إذاعية للإذاعة السورية باللغة العامية، إلى موظف في الحكومة، ثم إلى كاتب وروائي حتى أصبح له فيها شأن كبير، وأصبح أحد أشهر الروائيين العرب.

 

الدعوة إلى إيجاد وإنشاء إتحاد عربي للكتاب

حنا مينه أحد رواد القصة والرواية العربية، وأحد المؤسسين الكبار لهما بعد جيل نجيب محفوظ ، ولقد ساهم حنّا مينه مع عدد من الكتاب في تأسيس "رابطة الكتاب السوريين" عام 1951، كما كان له دور كبير في الدعوة إلى إنشاء اتحاد عربي للكتاب في مؤتمر الإعداد للإتحاد العربي الذي عقد في مصيف بلودان في سوريا عام 1956، وقد تأسّس اتحاد الكتاب العرب عام 1969 وكان أحد مؤسّسيه.

 

جوائز وتكريمات حصل عليها شيخ الرواية السورية

-      جائزة المجلس الأعلى للثقافة والآداب والعلوم بدمشق عن رواية "الشراع والعاصفة" عام 1968

-      جائزة المجلس الثقافي لجنوب إيطاليا عن رواية “الشراع والعاصفة” عام 1993، كأفضل رواية ترجمت إلى الإيطالية

-      جائزة سلطان العويس من الدورة الأولى عام 1991 على عطائه الروائي

-      كما حصل على  وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة بتاريخ 28/5/2002

-      كرمه الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب عام 2005، فى الاحتفال الذى عقد بدمشق بمناسبة مرور 50 عامًا على إنشائه، كما منحه إتحاد كتاب مصر جائزة "نجيب محفوظ للكاتب العربى" فى دورتها الأولى عام 2006.


أعمال حنا مينا وإسهاماته الأدبية

كثيرة هي روايات الكاتب الكبير حنا مينه التي إستقرت في الذاكرة العربية لأنها تستجيب لمشاعرالإنسان، وتغازل همومه اليومية الكثيرة، وقد كان مينه يؤكد دائماً أن البحر كان دائماً مصدر إلهامه، حتى أن معظم أعماله كانت مبللة بمياه موجه الصاخب، فلقد جسّد مينة في رواياته التي استلهمت من عالم البحار، فكرة الكفاح لتحقيق العدالة الاجتماعية، عبر شخوص بمختلف الوضعيات الإجتماعية، فعبّر عن ألمه الخاص، من خلال "الألم العام" الذي يتنقل في غالبية أعماله الروائية، تعبيراً منه عن قيمة الصراع الإجتماعي في خلق نماذج إنسانية تنال نصيبها من العدالة، فكتب أولى رواياته، وأبرزها وأشهرها عام 1954، وهى رواية المصابيح الزرق التى تم تحويلها إلى مسلسل تليفزيونى بنفس الاسم، ثم توالت أعماله بعد ذلك حتى بلغت حوالى 40 رواية ومجموعة قصصية، منها الشراع والعاصفة، الياطر، الأبنوسة البيضاء، حكاية بحار، نهاية رجل شجاع، الثلج يأتى من النافذه، الشمس فى يوم غائم، بقايا صور، المستنقع، القطاف، الربيع والخريف، حمامة زرقاء فى السحب، الولاعة، فوق الجبل وتحت الثلج، حدث فى بيتاخو، النجوم تحاكى القمر، القمر فى المحاق، عروس الموجة السوداء، الرجل الذى يكره نفسه، الفم الكرزى، الذئب الأسود، الأرقش والغجرية، حين مات النهد، صراع امرأتين، حارة الشحادين.

وأخيراً ... حنا مينه الروائي، أديب الحقيقة والصدق، العصامي الذي ساهم في إغناء الرواية العربية وعمل بإجتهاد حتى أجاد وأبدع، هذا الرجل العظيم الذي قدّم أفضل ما عنده، لقد كان أريحياً لم يبخل بشي،  فقال عن نفسه أنّه كاتب الواقعية الإشتراكية ويرفض الواقعية بإعتبارها مدرسة في التعبير الأدبي تأخذ الواقع كما هو، لذلك كان وجوده يعني الكثير من القيم، حقاً لم تفقده سوريا فقط.. بل الرواية العربية بأكملها.

المصدر: موسوعة المعرفة العربية.